تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ماذا تعني كلمة ملكيّين ولمَ تستخدمها كنيسة الروم الكاثوليك؟

اسي مينا

بيروت - ينتشر المؤمنون المنتمون إلى كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ويُشكّلون إحدى الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، لكنّهم يحملون وحدهم كلمة ملكيّين في تسميتهم الرسميّة.

لمَ تحمل هذه الجماعة المسيحيّة هذا الاسم تحديدًا؟ ولمَ تضمّ التسمية كلمتَيْ روم وكاثوليك أيضًا؟

الخلقيدونيّون يُصبحون «ملكيّين»

بعد انعقاد مَجْمَع خلقيدونيا المسكونيّ سنة 451 - وفيه اعتُرِفَ بأنّ للمسيح طبيعتَيْن إلهيّة وبشريّة - رفَضَ بعضُ الجماعاتِ المسيحيّة المنتشرة في الشرق هذا التعريف العقائديّ. لكنّ الإمبراطور مرقيانس، رأس الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة الداعي إلى انعقاد المجمع، دعَمَ تحديدات المجمع وحاول فرضه في شتّى أنحاء مُلكِهِ.

لذلك، بدأ اللاخلقيدونيّون باتّهام المؤمنين بصحّة المجمع بأنّهم «ملكيّون»، أي بأنّهم مرتبطون بالإمبراطور أو المَلِك المدافع عن هذا الإيمان. ولم يكن هدف اللاخلقيدونيّين الدلالة على الرابط بين المؤمنين بمجمع خلقيدونيا والإمبراطور فحسب، بل أيضًا الإشارة سلبًا إلى أنّ هؤلاء قد بيعوا للمَلِك.

وبمرور العصور، اتّخذ قادة الكنائس الخلقيدونيّة كلمة ملكيّين للدلالة إليهم ولَفْت الانتباه إلى الفارق بينهم وبين من لم يَسِر بالتعريفات العقائديّة الكريستولوجيّة أمثال النساطرة، والمؤمنين بالطبيعة الواحدة، والمعترفين بالمشيئة الواحدة.

سكّان الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة القديمة

بعدها، حملت بطريركيّات أنطاكيا والقدس والإسكندريّة الخلقيدونيّة كلمة ملكيّة. ولم يتألّف الملكيّون من إثنيّة محدّدة، ولم يتكلّموا لغة واحدة، بل كانوا من متكلّمي اللغات اليونانيّة والسريانيّة والجورجيّة والأرمنيّة والعربيّة.

فمن آمن بالعقائد الصادرة عن المجامع المسكونيّة الأولى من سكّان هذه البطريركيّات الثلاث انتمى إلى الشعوب والجماعات الموجودة في البلدان الممتدّة عليها سلطة هذه البطريركيّات. ونُسِبت لاحقًا إلى الكنيسة الملكيّة أيضًا كلمة «روم» للإشارة إلى أنّهم سكّان الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة القديمة.

لمَ هم كاثوليك؟

في العام 1724، بعد انتخاب البطريرك كيرلّس السادس طنّاس في دمشق لترؤّس كنيسة الملكيّين الأنطاكيّة، انقسمت كنيسته إلى شقّين؛ جزء دخل في شركة كنسيّة مع روما واتّخذ كلمة كاثوليك دلالة على ذلك، فحمل مؤمنو تلك الجماعة اسمَ الروم الملكيّين الكاثوليك؛ وجزء آخر بقي على شركته مع الكنائس الأرثوذكسيّة، فتخلّى هذا الجزء الثاني عن كلمة ملكيّين واتّخذ اسم الروم الأرثوذكس.

وبعد المَجْمَع الفاتيكانيّ الثاني الذي انعقد بين عامَي 1962 و1965، انفتحت الكنيسة الكاثوليكيّة رسميًّا على الحوار المسكونيّ مع بقيّة الكنائس، فحصل تقارب كبير بين الكنيستَيْن الروميّتَيْن الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة الأنطاكيَّتَيْن. ويؤمل بأن تقود العقود المقبلة إلى مصالحة عميقة جدًّا بين الكنيستَيْن تؤدّي إلى استعادة الوحدة بينهما.


المصدر: الياس الترك، آسي مينا.