تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار القدّيس مكاريوس أسقف أورشليم في 30 أكتوبر/تشرين الأوّل من كلّ عام؛ هو من بَزَغ نجمه في سماء أورشليم في القرن الرابع الميلاديّ، فكان أسقفًا حكيمًا حمل همَّ الكنيسة في زمن عاصف بالاضطهادات والبِدَع.
ولِدَ مكاريوس في النصف الثاني من القرن الثالث في فلسطين، ونشأ على محبّة المسيح. رُسم كاهنًا ثمّ أسقفًا على المدينة المقدّسة، خلفًا للأسقف هيرمونيانوس. تميّز مكاريوس بوداعته وثبات إيمانه، وكان من المدافعين الشجعان عن العقيدة الكاثوليكيّة القويمة في وجه بدعة آريوس التي هزّت أركان الكنيسة آنذاك. شارك في أعمال مَجْمَع نيقيا الأوّل في العام 325، مؤكّدًا ألوهيّة المسيح، ومحافظًا على وحدة الكنيسة رغم الصراعات التي عصفت بها.
كان هذا القدّيس شاهدًا على حدث عظيم غيَّر وجه التاريخ؛ فبفضل إرشاده ومساندته القدّيسة هيلانة، والدة الملك قسطنطين الكبير، اكتُشِفَت خشبة الصليب المقدّس في أورشليم سنة 326. كان هذا الاكتشاف علامة انتصار الإيمان على الظلمة، ومصدر تعزية للمؤمنين. لذا، أرسل الملك كتابًا إلى القدّيس يشكره على مساعدته والدته ويطلب بناء كنيسة على قبر المخلّص، تفوق كنائس الدنيا فخامةً وإتقانًا.
عاش القدّيس مكاريوس حياة مفعمة بالبساطة والتقوى والعمل الصالح، وكان أبًا حنونًا ومرشدًا حكيمًا لأبناء رعيّته، إذ كان يحضّهم باستمرار على عيش كلمة الإنجيل بالقول والعمل، ويقودهم إلى بلوغ السلام الحقيقيّ. وأخيرًا، رقد بعطر القداسة في النصف الأوّل من القرن الرابع، بعد أن ترك إرثًا من الحقّ لا يزول.
نسألك أيّها الربّ يسوع، بشفاعة القدّيس مكاريوس، أن تمنحنا ثبات الإيمان في وجه التجارب، وأن تملأ قلوبنا من نور قيامتك، فنكون شهودًا لمحبّتك في هذا العالم، إلى الأبد. آمين.
المصدر: آسي مينا / د. أمال شعيا