تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

البابا القدّيس زكريّا... نموذج القيادة الروحيّة والحكمة الكنسيّة

اسي مينا

تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة في 27 أكتوبر/تشرين الأوّل من كلّ عام بتذكار البابا القدّيس زكريّا؛ هو من كان مثالًا للسلام والقداسة في زمن الحروب والانقسامات.

عاش البابا زكريّا في القرن الثامن الميلاديّ، ويُرجَّح أن يكون من أصول يونانيّة. انتقلَ لاحقًا إلى العيش في روما، وسِيمَ كاهنًا، واشتهر بعلومه الرسوليّة. وبعد وفاة البابا غريغوريوس الثالث، أصبح زكريّا أحد أبرز بابوات الكنيسة الكاثوليكيّة، إذ تولّى السدّة البابويّة في العام 741.

عُرف زكريّا بالحكمة والتقوى، وكان نموذجًا للقيادة الروحيّة التي تجمع الإيمان والعمل الإداريّ الحكيم. وحين احتلّ اللومبرديّون إيطاليا وضيّقوا الخناق على شعبها، استطاع هذا البابا، بغيرته وصلاته، أن يعقد صلحًا مع ملكهم، فتوقّفت الحرب، وأُطلِق الأسرى، وعادت المدن التي استولوا عليها إلى أصحابها. وبعد إتمام البابا رسالته في تثبيت السلام، وجَّه عنايته إلى إصلاح حياة الإكليروس والشعب، ساعيًا بروح الراعي الصالح إلى تجديد الإيمان وإحياء المحبّة. كان عطوفًا على الفقراء والبائسين، وقريبًا من آلامهم، ومثالًا في التواضع والعطاء. وقد حظي بمكانة مرموقة لدى ملوك فرنسا الذين وثقوا بحكمته. ويُنسَب إليه الفضل في اهتداء كثير من الجرمانيّين إلى النور المسيحيّ.

ترجم البابا القدّيس إلى اللغة اليونانيّة مجموعة مؤلّفات تعود إلى البابا غريغوريوس الكبير. وبعد إدارته الكنيسة بكلّ غيرة ومحبّة وأمانة رسوليّة، رقد بعطر القداسة في العام 752. ولا يزال إرث زكريّا حاضرًا في التاريخ الكنسيّ، وهو يُذكَر بصفته قدّيسًا قدَّم نموذجًا فريدًا للقيادة التي تمزج الحكمة والروحانيّة.

نسألك أيّها الربّ يسوع أن تمنحنا حكمة البابا زكريّا، وثبات إيمانه، وسلام قلبه الذي وُلد من ثقتِه بك. علِّمنا أن نكون رسل مصالحة في عالم متعب، فنزرع الرجاء حيث يسكن اليأس، ونحمل النور إلى الدروب المظلمة، آمين.

المصدر: آسي مينا / د. آمال شعيا