Aller au contenu principal

كيف يُقوّم الإيمان سُبُلنا صوب الله أبينا؟

اسي مينا

لا يدعونا الكتاب المقدَّس إلى مجرَّد قراءةٍ عابرة لأحداث مضت، بل إلى أن نكون مشاركين حقيقيّين في سرّ اللقاء بين الله والإنسان، ومتأمّلين في عمق لحظات الرحمة الإلهيّة والنعمة التي يُقدّمها لنا العهد الجديد.

يكتشف المتأمِّل في نصوص الإنجيل أنّ أحداثه، في مجملها، ليست ذكرى تاريخيّة عابرة، بل أيقونات حيّة تكشف لنا قلب الله المملوء رحمة، وصورة الكنيسة، الأمّ الحاضِنة للخطأة التائبين، كما شرح الأب أنطوان زيتونة، الكاهن في أبرشيّة الموصل وعقرة الكلدانيّة.

وأوضح أنّ الربّ لطالما وجَّه أنظارنا إلى أهمّيّة التمييز بين التديّن الظاهريّ والإيمان المفعم محبّةً وتواضعًا. «ويُقدّم اللقاء المميّز بين يسوع والمرأة الخاطئة في بيت سمعان الفرّيسيّ (لوقا 7: 36-50) صورةً واضحة عن تناقض شخصيّة سمعان الذي يُمثّل صورة الإنسان المتديِّن ظاهريًّا، المتمسِّك بحرف الشريعة، لكنّه في الوقت ذاته يفتقر إلى عمق المحبّة الحقيقيّة والانفتاح على غفران الله».

فضولٌ وتعالٍ

دفع الفضول سمعان إلى دعوة يسوع إلى بيته، ولعلّه رَغِبَ في التأكّد من شخصيّته كَنَبِيّ. لكنّ تصرّفاته وأفكاره الداخليّة كشفت روحًا متعالية، رافضة الآخَر المختلف ومتسَرِّعة في إصدار الأحكام عليه، لأنّه ربط قيمة الإنسان بسلوكه، بماضيه وأخطائه، لا بقلبه وتوبته، بحسب زيتونة.

واستدرك: «على الجانب الآخر، تبرز المرأة الخاطئة، الآتية حاملةً جُرأة الإيمان ودموع التوبة وثِقةَ المُحِبّ، لتكسر قارورة الطِّيْب عند قدَمَي يسوع، وتمسحهما بشعرها، ولتستحقَّ إعلانًا إنجيليًّا عظيمًا من فم الربّ بأنَّها: "قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَة، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا"».

صاحب سلطان

إزاء جُرأةِ المرأة وثقتها، يتردّد سمعان في إعلان شكّه، فيتساءل فِي نَفْسِهِ: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامرأة التِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ». وإزاء موقف كليهما، يُقدّم يسوع مثالًا يختصر جوابًا يساعدنا في إدراك هويّته، كونها جوهر الحَدَث: فهو ليس مجرّد نبيّ، بل صاحب سلطان إلهيّ قادرٍ على غفران الخطايا.

ولفت زيتونة ختامًا إلى أنّ الكنيسة تدعونا إلى فهمٍ أعمق لهذا النصّ عبر وضع أنفسنا في قلب هذا اللقاء، فنُقبِل إلى ملاقاة ربِّنا بجُرأة الإيمان ودموع التوبة وثِقة المُحِبّ، ونكسر قارورة قلوبنا، لنختبر نحن أيضًا رحمة الربّ التي تتخطّى أحكام البشر، ونسمح للنعمة بأن تغيِّر حياتنا، معلنين أنّنا نحبّه كثيرًا ليغفر لنا كثيرًا، وأنّنا مستعدّون لبدء مسيرة جديدة معه.

المصدر: آسي مينا / جورجينا حبابه