Skip to main content

كيف عادت قرية الغسانيّة المسيحيّة إلى أهلها؟

ادلب

ادلب - شهد المسيحيّون في سوريا أسبوعًا استثنائيًّا تميَّز بعودة السكّان المسيحيّين إلى قرية الغسانيّة في ريف إدلب، بعد غياب قسريّ دام نحو 13 عامًا. وتُتَوِّج هذه العودة جهودًا كنسيّة مضنية، لكنّها تتقاطع أيضًا مع تطوّرات سياسيّة وأمنيّة حسّاسة تتعلّق بملفّ المقاتلين الأجانب المتشدّدين ضمن القوّات السوريّة الحكوميّة.

تكلّلت عودة المسيحيّين إلى الغسانيّة باحتفال عنوانه الفرح. ولهذه المناسبة، وجَّه حارس الأراضي المقدّسة، الأب فرانشيسكو يلبو، رسالة إلى أهل القرية شدّد فيها على قيمة الغفران الذي يُشكِّل أساسًا لبناء تعايش دائم وإنسانيّ، داعيًا إلى الاقتداء بسيرة القدّيس فرنسيس الأسيزي بهدف «السير معًا على طريق السلام والعدل».

أكّد أحد سكّان الغسانيّة أنّ الأوضاع جيّدة في قريتهم وفي القرى المجاورة، القنية واليعقوبيّة والجديدة، وأنّ المسيحيّين فيها لا يمسّهم سوء ولا يتعرّضون لإزعاج. وأشار إلى أنّ السلطات أعادت الأراضي والبيوت التي كانت تحت سيطرة القوّات التركستانيّة منذ العام 2013، على الرّغم من تعرّضها لتخريب وسرقة ودمارٍ سبّبه القصف الجوّي والزلزال المدمِّر في العام 2023.

ولم يكُن إخلاء الغسانيّة ليتمّ، وفق المصدر ذاته، لولا وجود «قرار سياسيّ حكوميّ حازم» وجهود استثنائيّة بذلها الآباء الفرنسيسكان، على رأسهم النائب الرسوليّ ورئيس الطائفة اللاتينيّة في سوريا المطران حنّا جلّوف. وأضاف: «حاليًّا، عادت ثلاث عائلات، ويُتوقَّع ازدياد العدد مع عرض الكنيسة تقديم مساعدة شاملة للعائلات الـ 15 الأولى التي تستقرّ هناك».

وتابع: «علمتُ أيضًا أنّ قرية حلوز المسيحيّة ستُخلى هي الأخرى من المسلّحين وتُعاد إلى أصحابها في القريب العاجل. أمّا بيوت المسيحيّين ومتاجرهم في إدلب فقد أعيدت إليهم. كذلك، سُلِّمت بيوت مسيحيّي جسر الشغور إلى أصحابها، لكنّها منهوبة وفي حالة مزرية. تبقى فقط قرية البرج المسيحيّة التي لا نعلم متى ستُسلَّم إلى أهلها».

يُلقي قرار إخلاء الغسانيّة الضوء على الدور المتنامي لملفّ المقاتلين الأجانب في تحديد المشهد الأمنيّ والسياسيّ، والذي يُنظر إليه على أنّه سببٌ غير مباشر في إعادة القرية إلى أهلها. ويُعدّ وجود هذه القوّات المتشدّدة التي تنشر «الدعوة إلى الإسلام»، مصدر قلق وعدم ارتياح بالنسبة إلى المسيحيّين ومعظم السوريّين.

ويأتي هذا التطور بعد اشتباك قوّات الأمن السوريّة و«كتيبة الفرنسيّين» الشهر الماضي في إدلب، وانضمام دمشق إلى التحالف الدوليّ ضدّ «داعش»، تزامنًا مع زيارة الرئيس السوريّ الانتقاليّ أحمد الشرع واشنطن ولقائه الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب. وسبَقَ الزيارة بأيّام صدور قرار مجلس الأمن الدوليّ الرقم 2799 الذي شدّد على ضرورة مواجهة الأعمال الإرهابيّة التي ترتكبها «داعش والكيانات المرتبطة بها والقاعدة والمقاتلون الإرهابيّون».

في المقابل، ما زالت التحدّيات قائمة. ففي حين استعادت الكنيسة اللاتينية في حلب مدرسة الرام المصادرة منذ ستّينيّات القرن الماضي، وبدأت الحياة التعليميّة تعود إلى قرية القنية، شهدت مناطق أخرى حوادث طائفيّة مقلقة، أبرزها تخريب جزئيّ لتمثال السيّدة العذراء في كنيسة القدّيس كيرلس في حيّ القصاع في دمشق، كما رُصِدَ وجود عبارات تهديد على جدران مقام مار إلياس في معرّة صيدنايا بريف دمشق.

المصدر: آسي مينا.